مشاهدة الصور الصادرة من المشافي فيما يتعلق بكوفيد 19 ذكّرتني بحلب

هناك العديد من أصدقائنا وزملائنا الذين كانو جزءً لا يتجزّء من حياتنا, وأيضاً جزءً لا يتجزّء من "إلى سما" نودّ مشاركة قصص بعض الوجوه التي شاهدتموها في الفلم: أخبارهم الحالية, مكان تواجدهم, ذكرياتهم عن حلب, وما يتمنّون لفلم "إلى سما" أن يروي للعالم عن سوريا 

تختلف طرق الموت و تتشابه النتائج , من داخل سوريا و من ما تبقى من المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد الإرهابي أتمنى للعام اجمع ان تمضي هذه الأيام العصبية دون فقدان عزيز على قلوبكم 

مع انتشار فيروس كورونا في العالم و متابعة ما خلّفه انتشار الفيروس و حالة الخوف و الهلع و فقدان الأحبّة, أي أحد معرّض أن يخسر شخص يحبه العالم كلّه يتشارك في المصاب, حتى وإن اختلفت مستويات الخطر بين دولة وأخرى, وبحسب الفئات العمرية

ربما يصعب على من يقرأ هذه المقالة أن يتخيل مدى الإجرام الذي مارسه ضدنا نظام بشار الأسد و لكنه تماما يشبه ما فعله فيروس كورونا في العالم يفرق بين الأحبّة, الفرق هو أن نظام الأسد  بشراكة روسيا يقتلون فقط الشعب السوري, بينما الفيروس يهاجم العالم بأكمله

الطائرة في المساء و التحذيرات عبر الأجهزة اللاسلكية لإخلاء الشوارع و الأسواق و الاتجاه الى الابنية المحصنة و الملاجئ , لحظات و تسمع دوي يصم الآذان فطائرات الحقد أفرغت حمولتها مجدداً على منطقة مدنية, تهرع فرق الإسعاف و الدفاع المدني و جمع من الأهالي الى مكان القصف لإنقاذ من يمكن إنقاذه, صاحب الحظ الجيد هو المصاب الذي يصل الى المشفى أولاً حيث أنها ما تلبث أن تمتلئ ممرات المشفى بعدد كبير من المصابين و هنا يكون السباق مع الزمن لإنقاذ أكبر عدد ممكن من المصابين , يعمل الفريق الطبي في قسم الإسعاف لساعات طويلة بعد المجزرة عيون محدقة و وجوه متعبة و ايدي ملطخة بالدماء و وجوه تطايرت عليها قطرات من الدم, و تختصر الكلمات الصادرة في ذاك الوقت في أسماء المعدات الطبية و الإجراءات اللازمة طبيا و صيحات أهالي المصابين, بعض المصابين يفقدون حياتهم قبل الوصول إلى المشفى حيث أنه قد يلزم للدفاع المدني الكثير من الوقت لاستخراجهم من تحت أنقاض منازلهم

IMG_7284.JPG



في يوم ١٨-١١-٢٠١٦ و نتيجة الغارات المكثفة للطيران الحربي على المدينة و قصف المشافي حيث تبقى مشفى وحيد في المدينة يستقبل المصابين من غارات الطيران و كل الكوادر الطبية قد تجمعت في هذا المشفى حيث كانت الاعداد كبيرة , شاهدني أحد الأصدقاء في ممر الإسعاف و صاح بي , اقتربت منه لأسأله من معه حيث أدركت مباشرة ان لديه مصاب في المشفى فقال لي ان والدته قد توفيت , اكتفيت بالقول له الله يرحمها و مشيت و مع انني لم اكن من ضمن الكوادر الطبية و لكنني كنت امل ان اساعد احد الكوادر في أي عمل أنقذ به حياة مصاب , لم يكن هناك متسع من الوقت للمساواة و العزاء لصديقي لقد كان الوقت قصيرا جدا و محاولة المساعدة في بقاء شخص اخر على قيد الحياة أولى من المواساة والعزاء , من الصعب جدا فقدان من نحب ولكن الأصعب أن نرى من يحب ينازع وهو يفارق الحياة دون أن نستطيع تقديم المساعدة له



مع رؤية المقاطع المصورة من المشافي في الدول التي كثرت فيها حالات الإصابة بفيروس كورونا أتذكر تماما ما كان قد حدث في حلب قبل عدة سنوات , وجوه الأطباء المشوهة نتيجة ارتداء الأقنعة الواقية أتذكر تماما وجوه الكوادر الطبية و هي تحاول انقاذ المصابين بعد كل مجزرة , الأخبار الواردة عن الإصابات في الكوادر الطبية تذكرني تماما بمن فقدنا من الأطباء و الكوادر الطبية و الإسعاف و الدفاع المدني حيث ان الطيران الحربي قصف أماكن تواجدهم وهم يحاولون إنقاذ المصابين



في الأيام الأخيرة من حصار المدينة قام بعض الأصدقاء بإنشاء مجموعة على برنامج الواتس اب و تم تسميته أصحاب المصير المشترك , حيث انه تجمعنا المدينة و يجمعنا القدر الذي سيكتب على هذه المدينة , فقدنا بعض من الأصدقاء المشتركين معنا في المجموعة قبل خروجنا من المدينة نتيجة غارات الطيران الحربي و رصاص قناص قوات النظام  

اليوم العالم أجمع هم أصحاب المصير المشترك فتجمعنا الإنسانية و يهاجمنا فيروس, جميعنا يرقب عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأخبار و كل منا يأمل سماع خبر انتهاء الفيروس و إيجاد دواء أو لقاح له , لقد كنا يوما نتمنى ونأمل  سماع خبر أن المجتمع الدولي قد تحرك لإيقاف نظام بشار الأسد و تحقيق أحلام الشعب السوري الحر  

أصدقائي أتمنى أن تكونوا بأمان و أن لا يجد الفيروس طريقاً اليكم , أتطلع في يوما قريبا أن تعلن شاشات التلفاز وبرامج التواصل الاجتماعي عن انتهاء الفيروس, سكان هذا الكوكب من حقهم أن يعيشوا بامان من أي فيروس والسكان في سوريا من حقهم أن يعيشوا بأمان و الخلاص من نظام بشار الأسد المجرم


عبد

Previous
Previous

بعد 9 أعوام من الكوارث, أخشى وصول فيروس كورونا

Next
Next

قصة عُلا: إلى سما هو أعيننا, ذاكرتنا, وتاريخ ثورتنا