قصة نبيل: أتمنّى من كل من يشاهد إلى سما أن يساعدنا على رواية القصة كاملة
هناك العديد من أصدقائنا وزملائنا الذين كانوا جزءً لا يتجزّء من حياتنا, وأيضاً جزءً لا يتجزّء من "إلى سما" نودّ مشاركة قصص بعض الوجوه التي شاهدتموها في الفلم: أخبارهم الحالية, مكان تواجدهم, ذكرياتهم عن حلب, وما يتمنّون لفلم "إلى سما" أن يروي للعالم عن سوريا
إليكم قصة نبيل
أنا نبيل الشيخ عمر, أعيش حالياً في ريف حلب الشمالي في سوريا, أعمل حالياً كمتطوع مسؤول قسم الحالات الطبية في ريف حلب الشمالي مع فريق ملهم التطوعي, كما أعمل كممرض في منظمة الأطباء المستقلين
في حلب الشرقية, كنت ممرضاً في مشفى القدس, وكانت المشفى كبيتي, والعاملين في المشفى كعائلتي الصغيرة
أذكر أني كنت أبيت في بناء ملاصق للمشفى عندما تعرضت للقصف في 27 نيسان 2016, استيقظت على أثر صوت الإنفجار ونزلت لأرى السيارات تحترق أمام المشفى, حاولت إيجاد طريقة لدخول المشفى عن طريق أي شق في المبنى المدمر, وفوق كل هذا كنت لا أسمع أي صوت يأتي من داخل المشفى, كل هذا جعلني أشعر بالعجز التام
في أول يوم من الهجوم على مدينة حلب, ضربت المدينة إحدى الغارات الجوية, بعد حوالي الربع ساعة بدأت الإصابات تتوافد إلى المشفى, سألت أول مصاب رأيته, "أين أصبت؟" فأجابني "باب النيرب" وهنا شعرت بالإنكسار بسبب بعد هذا المكان عنا, وهذا يعني بأنّنا آخر مشفى قائمة
بدأ هذا اليوم بعشرة مصابين, ولكنه انتهى بحوالي 400 إصابة تاركاً خلفه نهراً من دماء في المشفى, كنا نتوقع أن يستهدف المشفى الطيران في أي لحظة ويتركنا عالقين تحت الأنقاض لأن المشافي الأخرى جميعها تم استهدافها خلال أقل من 24 ساعة حتى خرجت عن الخدمة
بعد بضعة أيام, كنّا مجتمعين على الشرفة التي اعتدنا سماع أصوات صفارات سيارات الإسعاف منها, ولكن بدلاً من ذلك سمعنا صوت طائرة تحلّق نحونا, سمعنا صفرة الصاروخ, وبعد لحظات دخل إلينا شخص من الأشخاص العاملين على تحصين المشفى وقال: انفجر برميل بمكان قريب وأدّى إلى إصابة وقتل الشباب العاملين في أعمال التحصين, في نفس اللحظة سمعنا صوت برميل متفجر آخر يهبط, فسيطر علينا الخوف وتوقّعنا في أي لحظة أن يهبط أحد البراميل على رؤوسنا
في أحد الأيام, وصلنا خبر بأنّ الطيران الحربي سيقوم باستهداف المشفى, بلحظات قررنا إخلاء الجرحى, خرجت من المشفى مع حوالي 60 مصاب لبناء قريب, البناء كان في حالة غير مأهلّة نهائياً لاستقبال الجرحى, كان البناء بارد من دون تدفئة ولكن بأقل من ساعة أصبح البناء مجهّز قدر المستطاع ليصلح أن يكون ملجأ
في حلب كان هناك لحظات صعبة كما كان هناك لحظات جميلة, باص الحرية, المشروع الزراعي كانوا أشياء جميلة جداً, خاصةً بسبب أني كنت أعمل في المساء كممرض, وفي الصباح كفلاحّ.
هناك بعض اللحظات التي لن أنساها ما حييت, كنا جميعاً خائفين ونناقش من سيخرج أولاً, حمزة كان ينظر إليّ لأني الأصغر في المجموعة, بادرت بالحديث قبل أن يكلّمني وقلت: أنا ممرض ممكن قدّم مساعدة في حال حدوث أي شيئ, بعدها قال أخي أنه لن يتركني لوحدي, فاتفقنا جميعاً أن لا يخرج أحد منا حتى يتم إخراج الجرحى جميعاً, وقتها يمكننا الخروج معاً, بقينا جميعنا معاً في غرفة حمزة ووعد حتى النهاية
أحد أصدقائي الذين عاشوا في حلب معنا ولكن لم أقابله إلّا بعد التهجير من حلب, شاهد الفلم وقال لي: عشت كل هذه الأحداث لكن وعد تمكّنت من إرجاع كل هذه الذكريات في أقل من ساعتين
تجربتنا تعاد بشكل متكرر بين الحين والآخر على إدلب وأرياف حلب, وفي كل مرة يحدث شيئ كهذا نتذكر ما عشناه ونقف عاجزين غير قادرين على تغيير الواقع, أتمنى من كل من يشاهد الفلم ويرى الصورة كاملة أن يقوموا بمناصرة الناس بأصواتهم ويحدّثوا العالم عمّا يحصل في إدلب والخطر الذي يحيط بهم من قبل النظام السوري من جهة وفي الوقت نفسه من جهة هيئة تحرير الشام, أتمنّى أن يقوم الجميع بفعل كل ما بوسعهم لتعيش العوائل في إدلب بأمان, وأتمنى من كل من شاهد الفلم أن يساعدنا لكي نروي القصة كاملة